أضرار الأرق و السهر على صحتك
ما يزال العلما ء بعيدون عن الإجابة الأكيدة على هذا السؤال البسيط : هل النوم ضرورى ، ولماذا
هو ضرورى ؟ ، و النظريات المتداولة حالياً متعددة منها أن النوم هو فترة إصلاح و صيانة أجهزة
الجسم مما أصابها نتيجة إستعمالها طوال النهار و إعداد الجسم لغد تستقبله دون إحساس بالتعب
و الإجهاد ، و نظرية تقول أننا ورثنا هذه العادة عن أجدادنا الذين كانوا ينامون الليل لعدم إستطاعتهم
الصيد فى الظلام ، أو لإختبائهم من أعدائهم الذين قد لا يرونهم و هم يهاجمونهم ، أما فرويد فيقول
أن النوم هو تراجع إلى مرحلة الجنين فى بطن أمه ، أنت تنام لأنك تتخيل أنك ستسعد بعودتك ولو مؤقتاً
داخل رحم الأم ، بعض العلماء يقولون إنها مرحلة يومية ضرورية للحصول على الإتزان النفسى بشطب
الذكريات التعيسة ، قدر الإمكان ، من ذاكرتك و تثبيت المعلومات الهامة و السماح للأحلام بغربلة
الإنفعالا النفسية أى أن النوم " ماكياج نفسية " تتم يومياً لتستطيع الحياة السعيدة المتوازنة عاطفياً و نفسياً
و أما شكسبير فيقول فى ماكبث : النوم هو الموت اليومى، و ما أحلى الموت إذا كان لبضع ساعات ،
النوم هو الحمام المنعش للعامل المرهق ، وهو أهم غذاء لحياة الغابة التى نعيشها ، بينما يقول سيجال :
إن أخطر عناصر الأرق هو الوحدة ، فها أنت وحدك فى الفراش ، تواجه نفسك بمفردك و الجميع عداك
نيام ، و عندما يؤذن لصلاة الظهر تكون قد قمت بالعمل الذى يتفق الجميع على أن البشر قادرون على
القيام بالمجهود المكثف خلالها ، و تكون أنت قد فزت بأحسن الساعات من حيث درجة الحرارة
و الإضاءة وقلة التلوث ، إلخ ...
تصلى الظهر وتتناول غذاءك و يعطيك النظام العظيم ساعتين للهضم حتى صلاة العصر ، تسترخى ،
وتقرأ تتزاور وتصل صلة الرحم كل و ما بين العصر و المغرب يستطيع جسمك أن يؤدى فترة
أخرى من العمل أو الرياضة أو الحركة ثم تبدأ من المغرب فى تهدئة أنشطة أجهزة جسمك المختلفة
تحضيراً للنوم الهادىء بعد العشاء تنام أثناء الظلام و تستيقظ أثناء النور ..
تعمل حوالى 9 ساعات ، و تنام حوالى 7 ساعات ، وتمارس أنشطة حياتك الأخرى المختلفة حوالى 8 ساعات
يومك كله بركة ، و كله صحة ، وكله إنتاج ، فهل تستطيع مقارنته بمن ينام بعد أن يطفىء التليفزيون فى الثانية
صباحاً !! العلم يقول و العقل يقول ، و الدين أيضاً يقول و لكن ! سباق ماراثون اليقظة !
العنوان صحيح ، فهناك مسابقة توجه حصيلتها للخير و بالذات لدعم مراكز علاج إضطرابات النوم إسمها
ماراثون اليقظة ، يظل المتسابق يؤدى عملا ما بصفة مستمرة حتى يكل و يتوقف عن أدائه حيث تحسب له
عدد ساعات و دقائق يقظته و يفوز بالمسابقة أخر من يتبقى يقظاًُ من المتسابقين ، أخر رقم كان 200 ساعة
من اليقظة المستمرة حصل عليه أمريكى الذى ظل يذيع فى الميكروفون أى كلام حتى بدأ يهذى بعد ثمانية أيام
و ثمانى ساعات ثم إنتابته حالة من الكأبة و الإعياء نقل بعدها للمستشفى لينام ، ويقول شكسبير : أهم
غذاء لإستمرار حياة الإنسان هو النوم و ليس الطعام ، و يبدو أن التقدم العلمى و الحضارى يدفع الإنسان
إلى تقليل ساعات نومه ، و هى خطوة خطيرة لدمار البشر ..
فى بحث أجرى بأمريكا على الكلاب للمقارنة بين ساعات نومهم عام 1910 و عام 1963 وجد
أن ساعات نومهم قلت حوالى ساعة و نصف ، و لا ندرى لماذا لا يتعلم الإنسان من المعلم الأولى
وهو الطبيعة ، كيفية التغلب على الأرق و إضطرابات النوم بإتباع دورة الشروق و الغروب ، ويزداد
عجبنا إذا عرفنا أن الأطباء بالذات هم أكثر الناس خروجاًُ عن قانون الطبيعة و سبحان الله ..
قد نقول ، هذه أبحاث و إفتراضات و لكنا نحتاج للتأكيد و اليقين ، والرد هو أنه بل هى أوامر
الخالق سبحانه أن نتبع دورة الضوء و الإظلام بكل الدقة و الإلتزام و هذا هو البرنامج العظيم
من الثابت علمياً أن جميع العمليات الحيوية تهدأ أثناء الليل / دقات القلب تقل ، ضغط الدم ينخفض
التنفس يهدأ ، درجة حرارة الجسم تنخفض هرمونات التحفز تقل نسبها فى الدم ، العضلات تسترخى
و عندما تستيقظ و تبدأ نشاطك فإن كل أجهزة الجسم مطالبة بأن تعمل بأقصى طاقتها و هذا يستغرق
وقتاً ، و نحن نسميه فترة التحضير للعمل ، مثلما تفعل مع سيارتك ألا تقوم بتسخينها قبل أن تنطلق
بها ؟ فإذا كانت الدورة الحيوية المثالية تحتم عليك بدء العمل مع الشروق ، إذن فأنت مطالب أن تستيقظ
قبل ذلك و تمارس بعض النشاط الخفيف ، أى تستيقظ و تصلى الفجر و تتناول إفطارك ، و تحضر
نفسك ذهنياً و جسمانياًِ لتنطلق مع ظهور الشمس بالأفق معلنة اليوم الجديد ..
عندئذ سيكون منتصف ساعات العمل و قمة اللياقة فى حدود التاسعة صباحاً ، و هذا هو
بالضبط ما أكدته الأبحاث العلمية أعلى مستوى لهرمون التحفز " الكوليسترول " فى الدم و يكون
حوالى التاسعة صباحاً ..
و المهدئات العشبية مثل زهور الكامومبيل التى كانوا يضعونها مع الفراعنة كى تساعدهم على
التغلب على الأرق إذا ما أصابهم فى العالم الأخر ...
تغلب على الأرق ليست مسألة بسيطة و لكنها أحياناً ما تتطلب تضافر الكثير من سبل العلاج مثل الغذاء
و الفراش و الرياضة و التدليك و الإسترخاء و التنويم بالأعشاب و العقاقير و تغيير العادات
و إسلوب الحياة ، و كل هذه الأمور لا تستمع فيها إلى نصيحة الأصدقاء ، و لكن للطبيب فقد
أصبح النوم و إضطراباته الأن أحد فروع العناية الطبية ...
0 comments:
إرسال تعليق
الرجاء كتابة تعليق واختيار مجهول فى الاسفل